جازتْ ملماتُ الزَّمانِ حدودها | واسْتَفْرغَتْ أيَّامُها مجهُودَها |
وقضت علينا بالمنونِ فعوَّضتْ | بالكرهِ منْ بيضِ الليالي سُودها |
بالله ما بالُ الأَحبَّة ِ أعْرضَتْ | عنَّا ورامتْ بالفراقِ صُدودها |
رضيتُ مصاحبة َ البلى واستوطنتْ | بَعْد البُيُوتِ قُبُورَها ولحُودها |
حرصتْ على طولِ البقاءِ وإنما | مبدي النفوس أبادها ليعيدَها |
عبثتْ بها الأيامُ حتى أوثقت | أيدي البِلى تحْتَ التُّرابِ قيودها |
فكأنما تلكُ الجسومُ صوارمٌ | نحت الحمامِ من اللحودِ غمودها |
نَسَجَتْ يَدُ الأَيّامِ منْ أكْفانَها | حللاً وألقتْ بينهنّ عقودها |
وكسا الرّبيعُ رُبُوعَهَا أَنْوَارَهُ | لما سقتها الغادياتُ عهودها |
وسرى بها نشرُ النسيم فعطرتْ | نفحاتُ أرواحِ الشَّمالِ صَعيدَها |
هل عيشة ٌ طابَتْ لنا إلاّ وقد | أبْلى الزَّمانُ قديمَها وجديدَها |
أو مقلة ٌ ذاقت كراها ليلة ً | إلاّ وأعقبتِ الخطوبُ هُجُودَها |
أو بنية ٌ للمجدِ شيدَ أساسها | إلاّ وقد هَدَمَ القضاءُ وطيدَها |
شقّتْ على العَليا وفاة ُ كريمة ٍ | شقّتْ عليها المكْرماتُ بُرُودها |
وعزيزَة ٍ مفْقودة ٍ قد هوَّنتْ | مُهَجُ النّوافلِ بعدها مفقُودَها |
ماتتْ ووُسِّدَتِ الفَلاَة َ قتيلة ً | يا لهْفَ نفسِي إذْ رأتْ توْسيدَها |
يا قيْسُ إنّ صدُورَنا وَقَدتْ بها | نارٌ بأَضْلُعنا تَشُبُّ وقودَها |
فانهضْ لأخذِ الثاّر غير مقصِّر | حتى تُبيد من العداة ِ عديدها |